خمسون دليل علي ان انجيل برنابا مزيف (الجزء الرابع)? الدليل التاسع والثلاثون؛ المسيح يعظ من على جناح الهيكل: قال في ( ف12: 2؛ 127: 3 ) أنّ يسوع كان يرتقي الدكَّة ويعظ في إلهيكل " ارتقي إلي الدكَّة التي كان يرتقيها الكتبة " ، والكلمة الإيطالية التي ترجمت في العربية دكَّة هي " Pinculdo di Temple " أي " جناح إلهيكل! وقد نُقلت إلى الإنجليزية " Ascend to the pinnacle " أي وصعد إلي البرج أو قمة عالية، وجناح إلهيكل يُطلّ علي وادي قدرون ويرتفع عن الأرض حوالي 30 متر، ويقول يوسيفوس المؤرِّخ والكاهن اليهوديّ، الذي كان معاصرُا لتلاميذ المسيح (35 – 100م)، عنه " أنَّ النظر الإنسانيّ لا يستطيع أنْ يصل من قمته إلي قاع الودي أي المنحدر الذي يقف علي حافته (
! فهل يُعقل أنْ يعظ المسيح والكتبة من علي مثل هذا الارتفاع ؟!!
? الدليل الأربعون؛ جهل الكاتب بالطقوس اليهوديَّة: قال في ( ف13 ) أنَّ الملاك قدَّم ليسوع كبشاً فقدمه ذبيحة عن نفسه علي الجبل! ويسوع لم يكن في حاجة لتقديم ذبيحة عن نفسه لأنَّه قدُّوس وبار، فقد تحدَّي اليهود وقادتهم قائلاً " مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟ " ( يو8/46 )، وقال عنه الوحي الإلهي " لأَنَّهُ كَانَ يَلِيقُ بِنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ مِثْلُ هَذَا، قُدُّوسٌ بِلاَ شَرٍّ وَلاَ دَنَسٍ، قَدِ انْفَصَلَ عَنِ الْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ " ( عب7/26 ).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
ــــــــــــــــــ
- 41 -
كما أنَّ الذبائح كانت تقدَّم، في عصر المسيح، بواسطة الكهنة في هيكل سليمان ولا يجوز لغير الكهنة تقديمها وفي الهيكل فقط!! وهذا يدلّ علي جهل الكاتب بشريعة موسي وبعادات اليهود.
? الدليل الحادي والأربعون؛ الإبحار من الجليل إلي الناصرة : قال في ( ف1:20و 9 ) " وذهب يسوع إلي بحر الجليل ونزل ( أبحر ) في مركب مسافراً إلي الناصرة مدينته 000 ولما بلغ مدينة الناصرة أذاع النوتيّة في المدينة كلّ ما فعله يسوع " ! والعبارة المترجمة هنا " مسافرًا " مترجمة في الإنجليزية " sailed toward " أي " مبحرًا ". والكاتب المزوّر هنا يزعم أنَّ المسيح سافر من الجليل إلي الناصرة مبحرًا في مركب وبالتالي إعتبر الناصرة ميناء علي بحر الجليل! وهذا خطأ جغرافيّ فادح يدلّ علي أنَّ الكاتب لا يمكن أنْ يكون من فلسطين أبدًا ولم يعشْ فيها ولم يرها مطلقًا !! فلا تقع مدينة الناصرة علي بحر الجليل أو غيره من البحار أو البحيرات! ! وإنما تقع " على بعد نحو عشرة أميال إلي الشمال من سهل إسدرالون (مرج بن عامر) علي التلال الجيرية في الطرف الجنوبي لجبال 000 وهي على بعد 15
ــــــــــــــــــ
- 42 -
ميلاً من بحر الجليل ، 20 ميلاً إلي الشرق من ساحل البحر المتوسط. وتقع علي بعد 70 ميلاً إلي الشمال من أورشليم ". ويقول القدِّيس لوقا أنَّ أهل الناصرة لما أرادوا قتل المسيح " فَقَامُوا وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَجَاءُوا بِهِ إِلَى حَافَّةَِ الْجَبَلِ الَّذِي كَانَتْ مَدِينَتُهُمْ مَبْنِيَّةً عَلَيْهِ حَتَّى يَطْرَحُوهُ إِلَى أَسْفَل ُ. " ( لو4/29 ).
? الدليل الثاني والأربعون؛ الصعود إلى كفر ناحوم: وفي ( ف1:21 ) يقول أنَّ المسيح الذي كان في الناصرة صعد منها إلي كفرناحوم " وصعد يسوع إلى كفر ناحوم ( Jesus went up to Capernaum ) ودنا من المدينة "!! وهنا سقط الكاتب المزوّر في خطأ جغرافيّ لا يقلّ أهمّيّة عن الخطأ السابق لأنَّ كفر ناحوم تقع علي الشاطيء الغربيّ لبحر الجليل والناصرة تقع علي الجبل في مكان يبلغ اِرتفاعه 2300 قدم عن كفر ناحوم، فكيف يصعد من الناصرة إلي كفر ناحوم، في حين أنَّ الحقيقة هي العكس، وهذا ما يذكره الإنجيل للقدِّيس يوحنا الذي يقول " وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَانَ عُرْسٌ فِي قَانَا الْجَلِيلِ وَكَانَتْ أُمُّ يَسُوعَ هُنَاكَ. وَدُعِيَ أَيْضاً يَسُوعُ وَتلاَمِيذُهُ إِلَى الْعُرْسِ. وَبَعْدَ هَذَا انْحَدَرَ إِلَى كَفْرِنَاحُومَ ( After this he went down to Capernaum ) هُوَ وَأُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ وَتلاَمِيذُهُ وَأَقَامُوا هُنَاكَ أَيَّاماً لَيْسَتْ كَثِيرَةً " ( يو2/1-2و12 ) !!
ــــــــــــــــــ
- 43 -
? الدليل الثالث والأربعون؛ ركوب الخيل والجمهوريَّة: قال في ( ف4:69-9 ) " أيها الفقهاء والفريسيون وأنتم أيَّها الكهنة، أنَّكم الراغبون في الخيل كالفوارس ولكنكم لا ترغبون في المسير إلى الحرب، إنَّكم الراغبون في الألبسه الجميلة كالنساء ولكنكم لا ترغبون في الغزل وتربية الأطفال 000 إنَّكم لراغبون في المجد كالجمهوريِّين ولكنكم لا ترغبون في عبء الجمهوريَّة " !! وهذا الكلام لا ينطبق علي واقع فلسطين أيَّام المسيح، ولم يكنْ هناك حربًا مطلوب منهم الإشتراك فيها! ولم يكنْ هناك من يفكِّر في الجمهوريَّة أو يحلم بها! كما لم يكنْ المسيح مُحَرِّضصا علي الحروب. وهذه الأوصاف جميعًا تنطبق علي الوسط الأوربِّيّ الغربيّ في عهد الإقطاع حيث الفروسيّضة Chivalries والفرسان والحروب وتقليد رجال الكهنوت (الكاثوليك) للنبلاء وحيث أحلام الثورات والجمهوريَّة.
? الدليل الرابع والأربعون؛ المكان الذي قذف فيه الحوت يونان: قال في ( ف5:63-7 ) أن يونان النبي " حاول الهرب إلي طرسوس خوفًا من الشعب، فطرحه اللَّه في البحر، فابتلعته سمكة وقذفته علي مقربة من نينوي "! وهنا سقط الكاتب المزوّر في خطأ جغرافيّ آخر بقوله أنَّ يونان سافر من نينوي التي تقع علي نهر
ــــــــــــــــــ
- 44 -
دجلة في العراق إلي طرسوس التي في كليكية شرقيّ آسيا الصغري والقريبة من البحر المتوسِّط. والمسافة بين نهر دجلة والبحر المتوسط حوالي 400 ميل، ولا تُوجد أيّ أنهار أو بحار تصل بين البحر المتوسط ونهر دجلة، فكيف تقذف السمكة بيونان الذي سقط في البحر المتوسِّط بالقرب من نينوي التي تقع علي نهر دجلة؟!! ألا يدلّ هذا علي جهله المطلق بجغرافيَّة المنطقة؟.
? الدليل الخامس والأربعون؛ عيد المظال: سمى عيد المظال في ( ف1:15 ) باسمه الآرامي وترجم في الإنجليزية ( the feast of tabernacles ) ، واسماه في ( ف30:1 ) " سينوفاجيا " وتُرجم إلي الترجمة الإنجليزية " the Senofegia " وهذا اسمه اليوناني، وهذا يجعل القارئ الإيطاليّ يتصوَّر أنَّهما عيدان مختلفان! وقد أضاع مترجم العربيَّة الفرق بينهما!
? الدليل السادس والأربعون؛ ذهاب المسيح إلى دمشق: زعم في ( ف12:139وف1:143 ) أنَّ يسوع ذهب مع تلاميذه إلي دمشق! وهذا لم يحدثْ مطلقًا ولم تُذكر كلمة دمشق أبدًا في الأناجيل الأربعة! وقد كانت وصيَّة المسيح لتلاميذه أنْ يشهدوا له، بعد صعوده في " فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ " ( أع1/8 ). وقد بشَّر التلاميذ في دمشق بعد صعود المسيح وليس قبل الصعود.
ــــــــــــــــــ
- 45 -
? الدليل السابع والأربعون؛ براميل الخمر: قال في ( ف152و155 ) أنَّ يسوع كان يُجادل جنود الرومان داخل الهيكل وأنَّه نادى " أدوناى صبأوت " فتدحرج الجنود في الحال من الهيكل كما يدحرج المرء براميل من خشب لتملأ ثانية خمرًا وهنا يسقط الكاتب المزوِّر في عدَّة أخطاء خطيرة :
(1) لم يحدث أنَّ الرومان جادلوا المسيح في الأمور الدينيَّة نهائيًا لأنَّهم كانوا يعبدون الأوثان وكان هو في نظرهم يهوديّ يعبد اللَّه الواحد، وكان الرومان يعرفون نظرة اليهود للأمم، كما قال القديس بطرس لقائد المئة الروماني كرنيليوس " أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ كَيْفَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَى رَجُلٍ يَهُودِيٍّ أَنْ يَلْتَصِقَ بِأَحَدٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ يَأْتِيَ إِلَيْهِ . " ( أع10/28 ).
(2) كما أنًَّه لم يكنْ مسموحًا لغير اليهود بدخول الهيكل نهائيًا، وكان مخصصًا لهم دار تسمَّي دار الأمم وتقع خلف داريّ إسرائيل والنساء ومساكن الكهنة، والتي كانت تقع خلف بعضها علي أطراف الهيكل، وبالتالى فلم تحدث المعجزة من الأصل!
(3) ولم يكن من عادة اليهود أنْ يضعوا الخمر في براميل خشب بل كانوا يضعونها في زقاقات من جلد سوء في العهد القديم أو في أيام المسيح " وَهَذِهِ زِقَاقُ الْخَمْرِ الَّتِي مَلَأْنَاهَا جَدِيدَةً " ( يش9/13 )، " وَلاَ يَجْعَلُونَ خَمْراً جَدِيدَةً فِي زِقَاقٍ عَتِيقَةٍ لِئَلا تَنْشَقَّ الزِّقَاقُ فَالْخَمْرُ تَنْصَبُّ وَالزِّقَاقُ تَتْلَفُ. بَلْ يَجْعَلُونَ خَمْراً جَدِيدَةً فِي زِقَاقٍ جَدِيدَةٍ فَتُحْفَظُ جَمِيعاً " ( مت9/17 ).
ــــــــــــــــــ
- 46 -
أمَّا الأوربيُّون فهم الذين كانوا يضعون الخمر في براميلٍ من خشبٍ.
? الدليل الثامن والأربعون؛ طريقة الإعدام: قال في ( ف8:153 ) أنَّ الجنود كانوا يشنقون اللصوص! وقال في ( ف1:154 ) " فالرجل الذي له شرف وحياة ومال إذا سرقت أموإله شنق السارق " ! وقال في ( ف63:217 ) أنَّ هيروس أمر أنْ يلبس يهوذا " ثوبا أبيض كما يلبس الحمقي " وهو يظن أنَّه المسيح قبل صلبه! وهنا سقط كعادته في عدَّة أخطاء:
(أ) لم يكن الشنق معروفًا في فلسطين أيام المسيح! كما لم يكن هناك نبلاء ذو شرف وحياة ومال في أيديهم سلطة شنق أو إعدام السارق!! بل كان النبلاء ذو الشرف في أوربَّا في عصر الإقطاع وكانوا يملكون الأرض ومن يعمل بها.
(ب) كما أنَّ ارتداء المحكوم عليه بالإعدام " ثوباً أبيضًا " لم تكنْ عادة يهوديَّة أو فلسطينيَّة بل كانت عادة أندلسيَّة! وكانت عقوبة السارق بحسب شريعة موسي هي ردّ ضعف ما سرقه، ودفع أربعة أو خمسه أمثإله إذا كان قد باعه ( خر22/1-15 ) .، ثم يُقدِّم ذبيحة عن خطيئته تجاه اللَّه ( لا ص1-7 ).
ــــــــــــــــــ
- 47 -
? الدليل التاسع والأربعون؛ الإقطاع الأوربي في عهد المسيح: قال في ( ف3:194 ) أنَّ لعازر وأخته كانوا يمتلكون قريتيّ المجدل وبيت عنيا !! " كان قويًا (لعازر) وله أتباع في أورشليم وممتلكاً مع أختيه المجدل وبيت عينا " !! ولم يكن نظام امتلاك الأفراد لقري بأكملها بما فيها ومن عليه سائدًا في فلسطين بل كان هذا النظام معروفًا في أوربا في العصور الوسطي، ويقول المترجم د.خليل سعادة في الهامش " هذه الإشارة لإمتلاك أشخاص وقري برمَّتها هي من الأغلاط التاريخيَّة (لكاتب) لبرنابا وهى تظهر أننا في العصور الوسطي لأوربَّا لا في القرن الأوَّل لفلسطين (9) "كما لم يكنْ لعازر وأختَيه سوي من سكان بيت عنيا ولم يكنْ لهما علاقة بمجدل أو بمريم المجدليَّة.
? الدليل الخمسون؛ سجون الإقطاع الأوربيّ في فلسطين: قال في ( ف 9:76و19-21 ) أنَّ صاحب الكروم وضع كرَّامه المهمِل " في السجن تحت سيطرة خادم جاف كان يضربه كل يوم، ولم يرد مطلقًا أنْ يُطلقه لأجل شفاعة أصدقائه "!! وهذه الصورة لما كان يحدث في عصر الإقطاع في أوروبا لا في فلسطين في عهد المسيح.
وهكذا يتَّضح لنا أنَّ هذا الكتاب الخرافيّ المزيَّف المنسوب زورًا للقدِّيس برنابا ماهو إلاَّ مجموعة من الخرافات الخياليَّة المزيَّفة التي لا يقبلها عقل ولا منطق ولا تتَّفق بأيّ حالٍ من الأحوال مع تعاليم المسيح السامية. كما يمتلىء بالأخطاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(9) أنجيل برنابا ص 286.
ــــــــــــــــــ
- 48 -
التاريخيَّة والجغرافيَّة والدينيَّة التي تبرهن أنَّ كاتبه المزوّر لم يعشْ في يومٍ ما في فلسطين ولم يرها مطلقاً، وأنَّه لم يكنْ من تلاميذ المسيح ولا عاش في مجتمعه وعصره، إنما هو أوروبِّيّ عاش في العصور الوسطي، حوالي سنة 1585م، في الأندلس التي كانت تجمع ما بين المسيحيَّة الكاثوليكيَّة، والإسلام واليهوديَّة التلموديَّة، وتسمع روايات وخرافات أصحاب الديانات البدائيَّة التي كان يرويها البحّضارة والمسافرين التي نقلوها عن البلاد التي عادوا منها. والتي إخترعت محاكم التفيش التي لم تبقِ علي أحدٍ في أسبانيا سوي الكاثوليك، والتي جعلت بعض اليهود يتظاهرون بإعتناق المسيحيَّة، وخلَّفت ما كانوا يُسمُّون بالموريسكوس أي المسلمين الذين اِضطروا إلي التظاهر بإعتناق المسيحيَّة، تقيَّة. وكان مصطفى العرندي أحد هؤلاء، ثم ترك الأندلس وذهب إلي إسطامبول بتركيا وعلي إثر ذلك ظهر هذا الكتاب المزيَّف بنصِّه الإيطالي وترجمته الأسبانيَّة أو العكس علي يد هذا الرجل الذي هو الوحيد الذي له صلة مباشرة بالكتاب والراهب المزعوم المدعو فرا مارينو !!
أذكروني في صلواتكم