التعريف بالكنيسة الارثوذكسية
الفصل الأول
مفهوم كلمة الكنيسة؟
هناك ثلاث معان لكلمة كنيسة:
أولاً: المعنى الروحي:
هو أن الكنيسة يقصد بها جماعة المؤمنين الذين يعبدون الرب يسوع والذين هم أعضاء جسده، وقد تكلم عنها بولس الرسول في (أف 23:5) "لأن الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضاً رأس الكنيسة………ولكن كما تخضع الكنيسة للمسيح كذلك النساء لرجالهن ……أيها الرجال احبوا نساءكم كما أحب المسيح أيضاً الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها لكي يقدسها مطهراً إياها بغسل الماء بالكلمة لكي يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غضن أو شيء من مثل ذلك بل تكون مقدسة بلا عيب……فأنه لم يبغض أحد جسده قط بل يقوته ويربيه كما الرب أيضاً للكنيسة. لأننا أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه".
وهكذا نجد هنا أن الكنيسة تعني جماعة المؤمنين التي يقدسها ويطهرها الرب لتصير عروس للمسيح، وجماعة المؤمنين هم أعضاء جسد المسيح.
ثانياً: المعنى العقيدي:
الكنيسة هي العقيدة الإيمانية التي تؤمن بها جماعة المسيح، لذلك تعتبر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هي الجماعة التي تؤمن بالعقيدة الأرثوذكسية، والكنيسة الكاثوليكية هي الجماعة التي تؤمن بالعقيدة الكاثوليكية.
وفي هذا المعنى يقول معلمنا بولس الرسول "الكنيسة هي عمود الحق وقاعدته" (1تي3: 15) والحق هنا يعني الإيمان وقاعدة العقيدة.
ثالثاً: المعنى المادي:
أي مبني الكنيسة. الذي يجتمع فيه المؤمنون. وقد جاء في سفر أعمال الرسل أن برنابا وشاول "اجتمعا في الكنيسة سنة كاملة" وذلك في مدينة أنطاكية (أع26:11).
إذن فالكنيسة هي مبني يضم جماعة المؤمنين الذين يتبعون المسيح، والذين هم أعضاء جسده، والذين لهم عقيدة خاصة.
الفصل الثاني
مفهوم كلمة القبطية
كلمة القبطية لها معنيان: معنى عام، ومعنى خاص.
أولاً:المعنى العام:
كلمة قبطية تعني مصرية، فكلمة أقباط تعني مصريين. وهي مأخوذة من الكلمة اليونانية [Ciptos] وقد حرفت في اللغة الإنجليزية إلى [Copts]. وحورت في اللغة العربية إلى [قبط]. وهكذا كان كل المصريين أبناء الفراعنة يسمون "قبط" حتى قبل دخول المسيحية أرض مصر.
ثانياً: المعنى الخاص:
منذ بداية الفتح العربي لمصر دعيت كلمة قبطي على المسيحي المصري وليس على كل المصريين، لكي يميزوا بين المسيحيين المصريين، وبين الغزاة الذين دخلوا مصر والذين صار اسمهم "المسلمين". ويعود ذلك لقول نبي الإسلام "استوصوا بقبط مصر خيراً"، وكان يقصد بقبط مصر أي المسيحيين من سكان مصر. ومن هنا أخذ المسيحيون المصريون اسم قبط. فعندما نقول "الكنيسة القبطية" نعني "الكنيسة المصرية" المسيحية.
الفصل الثالث
مفهومكلمة الأرثوذكسية
لكي نفهم المقصود من كلمة أرثوذكسية ينبغي أن نعرف ما هي الكنائس المسيحية الموجودة في العالم، إذ توجد العائلة الأرثوذكسية، والعائلة الكاثوليكية، والعائلة البروتستانتية.
أولا: العائلة الأرثوذكسية:
كلمة "أرثوذكسية" تعني المستقيمة الرأي. والكنائس الأرثوذكسية هي: الكنيسة المصرية في مصر، والكنيسة السريانية في سوريا، والكنيسة الأرمينية في أرمينيا، والكنيسة اليونانية، والكنيسة الروسية، والكنيسة البلغارية، والكنيسة الهندية، والكنيسة الحبشية.
وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الحالي هو البابا شنودة الثالث، ومقر إقامته بالقاهرة.
ثانيا: العائلة الكاثوليكية:
كلمة كاثوليكية تعني الجامعة. وكان هذا من ألقاب الكنيسة الأولي "كنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية" فأخذت روما بعد انقسام الكنائس اسم كاثوليك. ومقرها الكنيسة الكاثوليكية في روما، وبطريركها الحالي هو البابا جون بول.
ثالثا: العائلة البروتستانتية:
وقد أتت تسميتها من كلمة Protest وهي تعني معارضة، وهي تعني الكنيسة المحتجة على الكنيسة الكاثوليكية، فهي تحتج على التقاليد الأيقونات والقداسات وأسرار الكنيسة السبعة والبخور، وقد انقسمت إلى عدة طوائف زادت عن الألف طائفة.
بناء عليه فكلمة "أرثوذكسية" تعني المستقيمة الرأي التي لم تنحرف يميناً أو شمالاً عن التعاليم الأولى والعقائد الأولى والتقاليد الأولى الرسولية.
الباب الثاني تأسيس الكنيسة الارثوذكسية القبطية
الفصل الأول
من أسس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية؟
تأسست الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمصر على يدي القديس العظيم مار مرقس الرسول والإنجيلي. وهو كاتب الإنجيل الثاني من الأناجيل الأربعة في العهد الجديد [الإنجيل المعروف باسمه ]، وهو رسول من القرن الأول الميلادي.
وتحضرني الذاكرة بواقعة حدثت لأول وفد من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ذهب لمجلس الكنائس العالمي، إذ يحكي المتنيح الأنبا صموئيل أسقف الخدمات الذي استشهد يوم أن قتل السادات، قال: "جلسنا مع الوفود الأجنبية وصار ممثلوها يحكون تاريخ كنائسهم. فقال أحدهم كنيستي تعود إلى 50 سنة ومؤسسها فلان الفلاني، وقال آخر أن كنيستي أقدم من كنيستك فقد تأسست منذ 100سنة، وقال آخر أما أنا فكنيستي لها400 سنة منذ أيام مارتن لوثر. يقول: كنت صامتاً أثناء هذه المباراة، فسألني أحدهم: "وأنتم منذ متى تأسست كنيستكم؟" فقلت: "حقيقة أن كنيستنا تعود إلى 20قرن مضت" فعلق السائل قائلا: "أنا لا أسأل عن الفراعنة". فأجاب الأنبا صموئيل: "نحن من القرن الأول الميلادي حينما جاء القديس مرقس كاتب إنجيل مرقس وبشر المصريين فآمنوا بالمسيح".
فقال الرجل: "حقيقة ينبغي أن نقف إجلالاً لكنيستكم لأنها تستحق الإكرام والإجلال".
فكنيستنا هي منذ القرن الأول الميلادي ، والتي بشرها القديس مار مرقس الرسول الذي كان واحداً من ال70 رسولا، الذين تكلم عنهم لوقا البشير في إنجيل لوقا(1:10).
وكان مرقس الرسول من عائلة يهودية تعيش في ليبيا بشمال أفريقيا، وكانت عائلته تذهب إلى أورشليم في الأعياد. وفي إحدى المرات تقابل الشاب مرقس مع المسيح، وسمع عظاته، ورأى معجزاته، وآمن به. ثم جال يبشر بتعاليمه في ليبيا ومصر. وتوجد آثار لمار مرقس باقية إلى الآن في ليبيا، لدرجة أن وزارة الثقافة الليبية قد أصدرت حديثا كتابا رسميا عن مار مرقس الليبي. ويتكلم الكتاب عن تاريخ مار مرقس في ليبيا، وآثار الكنيسة التي بناها مار مرقس في جبال ليبيا.
في بيت مارمرقص صنع الرب يسوع المسيح العشاء الرباني إذ كان يعز هذه الأسرة. كما كان بطرس الرسول أيضا يعتز بمرقس الرسول إذ كان بمثابة ابنه في الإيمان، ولذلك كتب عنه في رسالته الثانية قائلا: "مرقس ابني" (2بط13:5).
وكعادة الكتاب المقدس أنه لا يذكر فقط الجوانب الإيجابية لأية شخصية، بل يذكر أيضاً سلبياتها، لكي يتشجع الناس ولا ييأسوا، فقد ذكر في الكتاب المقدس هذه الحادثة التي سجلها مرقس عن نفسه في إنجيله "وتبع المسيح شاب لابساً إزاراً على عريه (أي لم يكن يرتدي سوى هذا الإزار) فأمسكه الشبان (الشبان اليهود) فترك الإزار وهرب منهم عرياناً" (مر51:14ـ52).
هل يمكن أن يكون هذا الشخص هو مؤسس كنيستنا؟ نعم هو. فقد كان لم يزال شابا صغيرا،ً وقد وجد أن معلمه قد قبض عليه فخاف. وفي ذات الوقت لم يكن قد تقوى بالروح القدس، الذي حل على التلاميذ يوم الخمسين.
لقد ذكر ذلك معلمنا مرقس عن نفسه هذا الجانب السبي لأن المسيحية هي حياة اتضاع، لا كبرياء وتبرير للمواقف.
كما أن هناك خطاء آخر لمرقس الرسول، عندما خرج مع بولس الرسول وبرنابا الرسول في الرحلة الأولى للتبشير. هذه الحادثة مذكورة في أعمال الرسل إصحاح 13 إذ دخلوا بلد ليبشروها بالمسيح، فقام سكانها بضرب الرسل وتركوهم بين الحياة والموت. فلما وجد مرقس الرسول أن بداية الأمر هكذا فكيف إذن ستكون نهايته؟ فقال لهم: أنا راجع من حيث أتيت. فطلب منه بولس الرسول البقاء، ولكنه رفض وأصر على العودة.
بالطبع تعتبر هذه نقطة ضعف في القديس مرقس ولكن هذا يجعلنا نحن نتشجع ونتقوى، حيث أن القديسين أنفسهم كانت لهم ضعفات.
وعندما خرج بولس وبرنابا للخدمة مرة أخرى طلب مرقس الخروج معهما فرفض بولس بسبب رجوعه في المرة السابقة. فاقترح برنابا وهو خال مرقس أن يأخذ هو مرقس وينطلقا للخدمة في قبرص، بينما أخذ بولس سيلا وذهب إلى سورية (أع15: 39و40).
وهكذا عمل برنابا على تعليم وتدريب مرقس على الخدمة حتى تشدد ونما في الإيمان وقال بولس الرسول نفسه عنه: "أرسلوا لي مرقس لأنه نافع لي للخدمة" (2تي 11:4).
ومن هنا نستفيد نحن إن كان لأي منا نقطة ضعف فهذا لا يدعنا نيأس. فعلينا أن نجاهد، والله يستطيع أن يساعدنا ويستخدمنا ف الخدمة من جديد، مثلما حدث مع مرقس الرسول.
وقد أستشهد مرقس الرسول في الإسكندرية سنة 68م، إذ ربطوا قدميه في ذيل حصان، وانطلق الحصان يعدو في شوارع الإسكندرية، وكانت رأس مار مرقس وكل جسده يصطدم بالحجارة، حتى نال إكليل الشهادة وقد روى أرض مصر بدمائه.
وكان نصيب مصر هو الأوفر من حيث اضطهاد واستشهاد الكثير من الأقباط من أجل إيمانهم ، الأمر الذي دعى المؤرخة الإنجليزية التي تدعى مدام بوتشر في كتابها "الأمة القبطية" أن تقول: "إننا نعلم أن عجائب الدنيا سبعة، ولكنه توجد عجيبة ثامنة لا يعرفها العالم ألا وهي بقاء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر حتى يومنا هذا، رغم موجات الاضطهاد والاستشهاد التي اجتاحت أقباط مصر على مر الزمن".
إذن مؤسس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر هو مار مرقس البشير الإنجيلي الرسول.
الفصل الثاني
متى تأسست الكنيسة القبطية الأرثوذكسية؟
تذكر كتب التاريخ أن مار مرقس قد ذهب إلى مصر ليبشرها في منتصف القرن الأول الميلادي، حوالي سنة 50 ـ55 م حيث جال مبشراً بين مصر وليبيا وفي سنة 68م استشهد في مصر، وقد تأسست الكنيسة فيما بين عامي 50 ـ55 م
بعد أن جال مرقس الرسول مع بولس وبرنابا الرسولين مبشراً في آسيا الصغرى، وقبرص، جاء إلى مصر ليكرز ببشارة الإنجيل، فكانت أرض مصر من باكورات الأقطار التي قبلت الإيمان بالمسيح يسوع.
الفصل الثالث
أين تأسست الكنيسة القبطية الأرثوذكسية؟
تأسست الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في أرض مصر الفرعونية أي أن الأقباط هم نسل الفراعنة.
إلى مصر أرض الأقباط والحضارات القديمة هناك أرسل الله مار مرقس الرسول إلى تلك البقعة الخصبة المتدينة أساساً فقدماء المصريين كانوا متدينين بالطبيعة ولكنهم كانوا يعبدوا الأوثان والثيران .... لعدم معرفتهم بالإله الحق، لهذا أرسل لهم الرب مار مرقس ليعرفهم بالديانة الحقيقية وبالرب يسوع المسيح الفادي والمخلص.
يتبع