الفصل الرابع
كيف انتشرت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في العالم كله؟
لقد انتشرت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في كل قارات العالم الآن، في أوربا وأمريكا وكندا واستراليا وآسيا وكل أفريقيا.
وقد قام هذا الانتشار على عاملين هامين:
العامل الأول: هو الدور الكرازي الذي قامت به الكنيسة في بقاع العالم.
والعامل الثاني: هو الهجرة، والعمل. مما دعا كثير من الأقباط إلى الانتشار في بلاد العالم وتأسست لهم كنائس بهذه الدول التي هاجروا إليها.
العامل الأول:
استناداً على ما كتب في دائرة المعارف الإنجليزية والتي تقول أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية قد قامت بالنشر والتبشير في شمال أفريقيا وليبيا في الغرب وفي الجنوب في بلاد النوبة (وقد كانت بلاد النوبة كلها مسيحية وملكها مسيحي ولم يبق الآن سوي العادات المسيحية فهم لا زالوا يعمدون أطفالهم في النيل قائلين غطستك غطيسة حنا، أي عمدتك معمودية يوحنا) والسودان، وأيضاً في أثيوبيا في القرن الرابع الميلادي حيث رسم القديس اثانسيوس الرسولي مطراناً لأثيوبيا (وهو الأنبا سلامة وقصته جميلة. فقد كان هو وأخوه تجارا، يتاجران في الشرق الأقصى، فيذهبا إلى الهند للتجارة. وفي إحدى رحلاتهما واجهتهما عاصفة فنزلا على الشاطئ حتى تهدأ العاصفة. ووجدا أن سكان المنطقة كرماء جداً فكلماهما عن المسيح فقبلوه بفرح. وبعد هدوء العاصفة عادا إلى مصر وكلما البابا في أمر هؤلاء الناس في أثيوبيا، فما كان من الأنبا اثانسيوس إلا أن رسمه مطراناً على الحبشة، وبعثه يكرز هناك وانتشرت المسيحية في الحبشة في القرن الرابع الميلادي.
وأيضاً بشرت الكنيسة في الهند حيث أرسل البابا ديمتريوس سنة 188م ـ 230 م أرسل بانتينوس مدير الكلية الإكليريكية للكرازة بالهند. وفي طريق عودته من الهند نزل في اليمن وبشر فيها.
والعلامة أورجانوس أرسل إلى الجزيرة العربية إلى مكة لأن بعض القبائل العربية كانوا مسيحيين وتابعين لمصر، وظهرت بينهم بدعة فأرسل أورجانوس ليرد على هذه البدعة وليعرفهم الإيمان السليم. وكان ذلك فيما بين القرنين الثاني والثالث الميلادي
وإلى العراق وإيران ذهب القديس أوجين ووضع قوانين ديريه معروفة باسمه هناك.
كما تذكر دائرة المعارف البريطانية أن الكنيسة القبطية قد بشرت فرنسا وسويسرا وايرلندا وإنجلترا وقد قام بتبشيرها جماعة من الرهبان من الأديرة القبطية.
وقد رسم قداسة البابا شنودة الثالث أسقفين للكرازة في كل أفريقيا. وكان قد أرسل نيافة الأنبا باخوميوس بالسودان لمدة ثلاث سنوات يكرز لقبائل النوبة والجنوب ويواصل نيافة الأنبا صرابامون أسقف أمدرمان الكرازة لهذه القبائل.
العامل الثاني:
وهو الهجرة والعمل فقد قام بعض الأقباط في القرن التاسع عشر الميلادي بالهجرة إلى السودان وكونوا هناك جاليات قبطية وبحسب انتشار الجالية في ربوع السودان تكونت كنائس قبطية أرثوذكسية.
وبواسطة حركة الهجرة في الستينيات إلى كندا وأمريكا وأستراليا تأسست كنائس قبطية هناك. وبلغ عدد الكنائس في عهد البابا شنودة حوالي 150 كنيسة في هذه القارات.
وعامل آخر هو العمل فقد جاء كثير من الأقباط لمدن أوروبا وإنجلترا للعمل فيها، ولعل جاليتنا القبطية في برايتون لأكبر دليل على انتشار الكنيسة في هذا العالم حيث تأسست هذه الكنيسة القبطية التي ترعانا ونعيش في حضنها.
وهناك أيضا الأقباط الذين ذهبوا للعمل في دول الخليج فتكونت فيها أيضاً كنائس قبطية أرثوذكسية.
من هذا نرى أن كنيستنا القبطية الأرثوذكسية مثل حبة الخردل التي غرسها مار مرقس الرسول وقد صارت الآن شجرة كبيرة تتآوى في فروعها طيور الأقباط في كل مكان. ونرجو أن توصل هذه النعمة وهذا النور بالكرازة بمحبة الله للجميع. وليتمجد أسم الله من الآن وإلى الأبد آمين.
وسوف نتكلم في الجزء التالي عن معتقدات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، حتى نتعرف على أهم التعاليم التي تؤمن بها الكنيسة.
أرجو أن يستخدم الرب هذا الكتاب لمجد اسمه القدوس. آمين.