اهداف الزواج المسيحى
يهدف الزواج المسيحى إلى :
1- اتحاد الحب الروحى :
هذا هو الهدف الأول من الزواج المسيحى، "أن يصير الأثنان واحداً" (مت 5:19).. وهذه الوحدة هى بفعل الروح القدس العامل فى سر الزيجة المقدس: "ما جمعه الله لا يفرقه الإنسان"
(مت 6:19).
ونحن نعرف أن كلمة "حب" فى الكتاب المقدس، وردت فى الأصول اليونانية فى ثلاثة معان:
أ- الأيروس: الحب الجسدى أى الشهوة الحسية.
ب- الفيليا: الحب الإنسانى البشرى الطبيعى.
ج- الأغابى: الحب الروحانى المقدس الإلهى.
والزواج شركة حب روحانى مقدس، يتسامى فوق الحب الطبيعى القابل للتقلب، وفوق الشهوة الحسية التى تذبل مع مرور الوقت.
يتحد الزوجان - إذن - بحب روحانى من فعل الروح القدس، الذى يجدد الطبيعة الإنسانية بالمعمودية، ويسكن فيها بالميرون، ويضبط مسارها ويقدسها بالتوبة وأمانة الجهاد الروحى.
2- التعاون فى الحياة :
قال الرب: "ليس جيداً أن يكون آدم وحده، فأصنع له معيناً نظيره" (تك 18:2). وكعالم بأعماق الطبيعة الإنسانية أراد الله أن يشعر آدم بحاجته إلى "آخر" فأجاز أمامه كل حيوانات البرية، وكل طيور السماء، وأحضرها إليه "ليرى ماذا يدعوها".. "وكل ما دعا به آدم ذات نفس حية فهو أسمها".. "وأما لنفسه فلم يجد معيناً نظيره" (تك 20:2،20).. وهنا شعر آدم بحاجته إلى آخر، فأوقع الله سباتاً عليه فنام، وأخذ ضلعاً من جنبه، وبناها لتصير حواء، وأحضرها إلى آدم فقال: "هذه الآن عظم من عظامى، ولحم من لحمى. هذه تدعى امرأة لأنها من أمرء أخذت".. ثم يضيف الوحى الإلهى: "لذلك يترك الرجل أباه وأمه، ويلتصق بامرأته، ويكونان جسداً واحداً" (تك 21:2-24).. "وكانا كلاهما عريانين، آدم وامرأته، وهما لا يخجلان" (تك 25:2).. الأمر الذى يؤكد نوع الحب الذى ربطهما، الحب الروحانى، الأغابى!
وهكذا يصير الهدف الثانى من الزواج هو التعاون فى الحياة، على أساس "التناظر" والمساواة.. فهى معين "نظيره"، مأخوذة من الضلع تدشيناً للمساواة، لا من الرأس، ولا من القدم!
3- خلاص النفس :
لا شك أن هذا من أسمى أهداف الزواج المسيحى، فالمهم أن يخلص الإنسان فى النهاية، والزواج المقدس يساعد الإنسان فى ضبط مسار حياته الروحية، فتشبع غرائزه بطريقة مقدسة:
الجنس، والأبوة، والأمومة.. وهكذا يساعده الزواج فى الحماية من الغواية والخطيئة.. إذ يقول الرسول: "لسبب الزنا.. ليكن لكل واحد امرأته، وليكن لكل امرأة رجلها" (1كو 2:7).. "لأن التزوج أصلح من التحرق" (1كو 9:7).
ومن المعروف أن الزواج ليس هو كل شئ فى خلاص الإنسان، بل مجرد عامل مساعد، فهناك من يخلصون فى البتولية، المهم أن يحرص كلاهما: المتزوج والبتول، أن يتمسك بركائز الخلاص الأساسية مثل: الإيمان بالمسيح، والمعمودية والميرون، وأمانة التوبة والجهاد الروحى، والشبع بوسائط النعمة المتنوعة كالافخارستيا والصلاة وقراءة كلمة الله، وحضور الاجتماعات الروحية، وقراءة الكتب الروحية، والصوم.. وأن يعبر عن إيمانه الحى بأعمال مقدسة، حيث أن الإيمان بدون أعمال ميت.. انتظاراً لخلع هذا الجسد الضعيف، ولبس الجسد النورانى الخالد.
4- استمرار النوع الإنسانى :
لاشك أن ثمرة الزواج إنجاب الأطفال، وهو هدف مقدس ومبارك، حيث يستمر من خلاله النوع الإنسانى، وتتعاقب أجيال الشر، يمجدون الله، ويستكشفون أعماله فى الكون، والتاريخ، والبشر ويتعاونون معاً على الخير، فالآخر الإنسانى هو بالضرورة مخلوق مثلى على صورة الله ومثاله، ويجب أن أتعامل معه على هذا الأساس.
ولعل فيما نرى اليوم من عزوف الشباب الأمريكى والأوربى عن التناسل - اكتفاء بالحسيات والمادة - وما بدأت تعانيه هذه الأجناس، بما تتميز به من صحة جيدة وذكاء عقلى، من انقراض وتناقص يهدد وجودها.. لعلنا نرى فى هذا أهمية ما تباركه المسيحية من إنجاب للأطفال "فالبنون ميراث من الرب" (مز 3:127)!!
5- خلق المزيد من القديسين :
وهذا أسمى أهداف الزواج المسيحى قاطبة، فالزوجان - فى المسيح - يتقدسان ويرثان الملكوت.. وأولادهما وبناتهما سوف يصلون جميعاً - بالتربية الروحية الأمينة - إلى نفس الميراث السماوى، وهكذا تكون عملية الإنجاب ليست مجرد أمر جسدى، بل يتحول إلى أمر روحى، إذ تزداد قائمة أسماء القديسين والقديسات فى السماء، ويسعد هؤلاء جميعاً بفاديهم ومخلصهم، وبشركة حية، خالدة وسعيدة، فى أورشليم السمائية.
لذلك تحرص الأسرة المسيحية على التربية الروحية الأمينة لأولادها، وليس فقط
التربية الجسدية أو الذهنية أو الاجتماعية.. وشعار الزوج المسيحى: "أما أنا وبيتى فنعبد
الرب" (يش 24).. وهدفه النهائى أن يقف أمام الله قائلاً: "هأنذا والأولاد الذين أعطانيهم الله"
(عب 13:2).
FAQ