المزمور التاسع والأربعون
قصور الغنى
مزمور حكمى
مزمور الحكمة هذا هو آخر مزامير أبناء قورح . فى أغلب المزامير نجد الكاتب يصلى أو يسبح الله ، أما هنا فنجده يبشر ، فالمزمور أشبه بعظة تعلمنا الأتكال على الله لا على ذراع بشر ولا على الكرامة الزمنية ولا على المال إله هذا الدهر .
مناسبته
سجله المرتل ربما حين رأى حوله أتقياء فقراء فارتبك وتعب بسبب غنى الأشرار .
" اسمعوا هذه يا معشر الأمم ،
وانصتوا يا جميع قاطنى الأرض " [ 1 ]
توجه دعوة جامعية للبشرية فى كل مكان ، للعظماء والعامة ، للأغنياء والفقراء ، لليهود والأمم ، بكون الجميع عبيد الله مدعوين للأستماع لله وطاعته ، كى يتمتعوا بكلمة الله وحكمته .
يبدأ المزمور بكلمة " اسمعوا " ، وهى ذات الكلمة التى بدأت بها الوصايا العشرة : " اسمع يا إسرائيل " . هذه هى بداية الوصية الإلهية ، هى أمر يحوى ضمنا وعدا إلهيا ، فإن الذى يطالبنا بالأستماع هو الذى يهب آذاننا الختان لكى تكون لنا أذن روحية قادرة على الأستماع والفهم والطاعة بفرح وبهجة قلب . لهذا قيل : " من له أذنان للسمع فليسمع " .
معشر الأمم : أى غير المؤمنين ، فقد جاء السيد المسيح طبيبا للسقماء ، يشفى الأمم بدعوتهم للألتقاء مع الله .
" ..... الأرضيون وبنى البشر ،
الغنى والفقير جميعا " [ 2 ] .
الآن ليسمع الأغنياء والفقراء معا ، ليت الجداء والخراف يقتاتون من ذات المرعى حتى يأتى ويفصل الواحد عن يمينه والآخر عن يساره . ليسمعه الكل معا بكونه المعلم ، لئلا ينفصلا عن بعضهما البعض عندما يسمعان صوته كديان .
" فمى ينطق بالحكمة
وتلاوة ( تأملات ) قلبى فهما " [ 3 ] .
يقدم المرتل نفسه مثالا حيا للمعلمين ، بل ولكل مسيحى ، فبينما يتكلم فمه بالحكمة الإلهية التى ينالها كهبة من الله ، وبجلوسه مع مريم أخت لعازر ومرثا عند قدميه يسمع له ، إذا بقلبه يسبح فى تأملات إلهية بفهم وإدراك روحى .
" أميل إلى الأمثال أذنى
وأفتح بالمزمار فاتحة كلامى " [ 4 ] .
+ لماذا " إلى الأمثال " ؟ لأنه كما يقول الرسول : " فإننا ننظر الآن فى مرآة فى لغز " 1 كو 13 : 12 وذلك متى كنا مستوطنين فى الجسد متغربين عن الرب ( 2 كو 5 : 6 ) . فإن رؤيتنا لم تصر بعد وجها لوجه حيث لا تكون حينئذ أمثال ولا ألغاز ولا مقارنات .
قصور الغنى والكرامة
يبدأ هذا القسم بسؤال يقدمه الأبرار الذين يعانون الآلام من الأشرار الأغنياء ظلما :
" لماذا أتخوف فى اليوم الشرير ؟!
إثم عقبى يحيط بى " [ 5 ]
+ نجيب على هذا القول بأنه لا يوجد يوم شرير ، لأن الأيام قد خلقها الله ، وكل ما خلقه هو حسن جدا وليس شريرا .....
" إثم العقب " هو معصية آدم التى بسبب مخالفته أخذت الحية سلطانا أن تسحق عقبه .
لعل أخطر الآثام التى يجب أن نتجنبها هى محبة المال التى هى أصل كل الشرور ( 1 تى 6 : 10 ) ، فإن من يحب المال يقيم منه إلها يتعبد له . ليس المال فى ذاته بل محبته أو الأتكال عليه يحكم حياتنا ، لهذا يكمل المرتل حديثه هكذا :
" المتكلون على قوتهم ، وبكثرة غناهم يفتخرون " [ 6 ] .
+ ليتنا لانتكل على فضائلنا ( قوتنا ) ، ليتنا لا نفتخر بوفرة ثروتنا ، وإنما نفتخر بذاك الذى وعدنا ، الذى بإتضاعه ارتفع ، مهددا بإدانة المتكبرين ، بهذا لا يحاصرنا إثم عقبنا .
" الأخ لن يفتدى إلا الإنسان فداء ،
ولا يعطى الله استغفارا عن ذاته ،
وثمن خلاص نفسه " [ 7 ، 8 ] .
بمعنى أنه إن لم يتب الإنسان عن الخطية ويصنع أعمالا مرضية لله لن يقدر أن يفتديه أخ أو أحد أخصائه أو أقربائه ، ولو كان فاضلا ، لأن كل أحد يكافأ منفردا حسب أعماله ...
لقد استجدت الخمس عذارى زيتا من رفيقاتهن ولم يحصلن على شىء . فالإنسان الذى دفن وزنته فى الأرض يبدى أعذارا لكنه يدان .
لا يوجد شىء من أمور العالم تساوى قيمة النفس لكى تفديها .
" تعب إلى الدهر ، ويحيا إلى الأنقضاء ،
ولا يعاين فسادا ،
إذا رأى الحكماء يموتون ،
الجاهل والذى لا عقل له معا يهلكون ،
ويخلفون غناهم للغرباء ،
وتصير قبورهم لهم مسكنا إلى الأبد ، ومحلا لهم إلى جيل فجيل ،
دعوا بأسمائهم على الأرض " [ 8 – 10 ] .
إن الذى فضل الحياة الشاقة المتعبة عن الواسعة الرغدة ، واختار الطريق الضيق المحزن لأجل محبة المسيح فإنه لا يبتلى بالعقوبات المعدة للمدعين حكمة هذا العالم هذه التى يدعوها الرسول حماقة . وأيضا إذا ما رأى الفقراء الأغنياء والحكماء يموتون مثل الآخرين فلا يمقتون الفقر ولا يغمهم التعب الذى يكابدونه فى هذا العمر الحاضر ....
" الإنسان إذ كان فى كرامة ولم يفهمها .
قيس بالبهائم التى لا معرفة لها ، وشبه بها " [ 12 ] .
من يظن أنه يستقر فى هذا العالم ويبقى متلذذا بمباهجه غبى وبلا فهم ، ويحسب كالحيوانات .
يستمر المرتل فى حزنه وأسفه على شقاء البشرية ، فإنه إذ يعتمد البشر على غناهم ومالهم يسلكون هذا الطريق فى حماقة وينحطون ، يأتى الجيل التالى فلا يتعظ من سلفه بل يرتضى السلوك فى ذات الإتجاه ويغبطونه .
" هذا سبيلهم صار شكا لهم ، ومن بعد هذا بأفواههم يرتضون " [ 13 ] .
إذ يدفع الأتكال على غنى العالم الإنسان إلى الحياة البهيمية ، إنما يدفعه كما إلى الذبح أو الموت ، يصيرون فى مذلة تحت سلطان راعيهم الجيد ألا وهو الموت ، أما الذين لهم بر المسيح فيحملون سلطانا !
" جعلوا فى الجحيم مثل الغنم ، والموت يرعاهم ،
ويسود عليهم المستقيمون بالغداة .
ومعونتهم تبلى فى الجحيم من مجدهم .
بل أن الله ينقذ نفسى من يد الجحيم إذا أخذها " [ 14 ، 15 ] .
نصيحة وتحذير
" لا تخف إذا ما استغنى الإنسان ،
وإذا كثر مجد بيته ،
لأنه إذا مات لا يأخذها جميعا .
ولا ينزل معه مجده إلى الجحيم " [ 16 ، 17 ] .
يختم المرتل مزموره بالنصائح التالية :
1 – إن كان الموت هو راعى الأشرار ، والجحيم هو مسكنهم الأبدى ، فإن الله هو راعى نفسى القادر وحده أن يخلصنى من يد الجحيم ، ولا يقدر الموت أن يأسرنى [ 15 ] .
2 – لا تخف من أصحاب السلطة والغنى ولا تتملقهم ، فإنهم يموتون ولا يأخذون معهم شيئا [ 16 ] ، فإنهم يلحقون بآبائهم الذين سبقوهم فى نفس الأتجاه وقد فقدوا كل شىء . بمعنى آخر ينصحنا ألا ننشغل بالنظورات والزمنيات ولا بمن نالوا الكثير منها .
3 – تطلب البركة لا حسب هواك بل حسب مشورة الرب ، فكثيرون يظنون الحياة السعيدة المباركة هى فى الولائم والملذات الزمنية .
" لأن نفسه تبارك فى حياته ،
يعترف لك إذا ما أحسنت إليه " [ 18 ] .
4 – يلزم ألا نتمثل بالآخرين فى حبهم للعالم لئلا ننضم إليهم فصيرهم الشرير .
" يدخل إلى جيل آبائه ،
ولا يعاين النور إلى الدهر " [ 19 ] .
سيأتى الصباح ويظهر هابيل أين هو وقايين أين يوجد ، وهكذا كل الذين يسلكون وراء قايين وأيضا الذين هم وراء هابيل ، وذلك حتى نهاية العالم .
+ + +
المزمور الخمسون
ذبيحة التسبيح
آساف
أول مزمور لآساف ؛ وآساف اسم عبرى معناه " من يجمع " ، وربما هو اختصار " يهوه ساف " أى " الرب جمع " . كان رئيس فرقة الموسيقيين المقدسة فى الخيمة حيث وضع فيها تابوت العهد . وقد عين فى وظيفة دائمة فى ضرب الصنوج أثناء خدمة الهيكل ( 1 أى 16 : 4 ، 5 ، 6 ) .
مزمور نبوى ليتورجى
يرى البعض أنه ليس بالمزمور فى معناه العادى ، وإنما هو نبوة تعلن عن الدينونة العامة ، وتكشف عن إدانة الله للرياء فى العبادة حيث تمارس فى شكليات بلا روح ، وإدانة الحياة الشريرة . يرى البعض أن المزمور يناسب عصر حزقيا حيث الإصلاح وإن كان البعض ينسبه إلى عصر يوشيا .
واضح أن المزمور ينتسب إلى فترة ما قبل السبى حيث كانت أورشليم فى جمالها الكامل البهى .
جاءت مقدمة المزمور تصف ظهور الله فى الهيكل ، أو على جبل صهيون ، فى نار وعاصف ، ليجمع العالم كله أمام قضاء حكمه وكرسى دينونته . إن كانت كل عيون الشر تتجه إليه فإن عينى الرب تتطلعان إلى شعبه لتقديسهم ، كما تتطلع إلى القساة والمنافقين لعلهم يعرفون طريق الخلاص ويتمتعون بحياة التسبيح حتى لا يحل بهم القضاء الأبدى .
" إله الآلهة الرب تكلم ،
ودعا الأرض من مشارق الشمس إلى مغاربها .
من صهيون حسن بهاء جماله .
الله يأتى جهارا .
وإلهنا لا يصمت .
النار قدامه تتقد ،
وحوله عاصف جدا " [ 1 – 3 ] .
+ عندما جاء الرب كان مختفيا ، لأنه جاء لكى يتألم ، ومع كونه قويا فى ذاته ظهر فى الجسد ضعيفا . كان يحتاج أن يظهر بطريقة لا يدرك بها ، فيحتقر ويقتل . كان ذلك اخفاء لمجد اللاهوت فى الجسد . " لأن لو عرفوا لما صلبوا رب المجد " 1 كو 2 : 8 . هكذا سار مختفيا بين اليهود ، بين أعدائه ، يصنع عجائب ، ويحتمل شرورا ، حتى علق على الخشبة . وإذ رآه اليهود معلقا بالأكثر احتقروه وكانوا ينغصون رؤوسهم أمام الصليب ، قائلين : " إن كنت ابن الله فانزل عن الصليب " مت 27 : 40 . كان إله الآلهة مخفيا ، مقدما كلمات أكثر حنوا مما تصدر عن جلاله ...
ولكن هل يبقى مخفيا إلى الأبد ؟ حتما لا ! اسمع ماذا قال : " الله سيأتى جهارا " . ذاك الذى جاء مخفيا سيأتى جهارا ، جاء مخفيا لكى يحاكم ، وسيأتى جهارا لكى يدين . جاء مخفيا لكى يقف أمام قاض ، وسيأتى جهارا ليدين حتى القضاة .
خلال هذا الظهور الإلهى المهيب حيث تتقد النار قدامه وحوله عاصف جدا ، يدعو الديان السماء والأرض لتشهدا حكمه ، حيث يفصل المؤمنين الحقيقيين عن المرائين ، والحنطة عن الزوان .
يوجه دعوة عامة إلى كل الخليقة السماوية والأرضية للشهادة ، أما أتقياؤه الذين دخلوا فى عهد معه خلال ذبيحة الصليب فيجمعهم ليكونوا معه يتمتعون بيمينه :
" يدعو السماء من فوق
إلى محاكمة شعبه
اجمعوا إليه ابراره ،
الواضعين عهده على الذبائح .
وتخبر السموات بعدله ،
لأن الله هو الديان " [ 4 – 6 ] .
هنا يدعو السماء أى الطغمات السمائية ، والأرض أى البشر جميعا ، لكى يشهد الكل عدل الله فى محاكماته لشعبه .
إدانة الشكليين فى العبادة
" اسمع يا شعبى فأكلمك ،
ويا إسرائيل فأشهد عليك .
إنى أنا هو الله إلهك ،
لست أوبخك على ذبائحك ،
محرقاتك هى قدامى فى كل حين " [ 7 ، 8 ] .
عجيب الله فى معاملاته مع الإنسان ، فإنه حتى حينما ينتقد أو يعاتب أو يوبخ لا يستخدم كلمات جارحة بل فى لطف يبدأ بكلمات رقيقة للغاية تجتذب النفس إليه لتتقبل كلماته . نلاحظ هنا فى توبيخه أنه يدعوهم " شعبى " ... وكأنه يقول لهم أنتم لى ، إن إنتقدتكم فليس للتشهير بكم ولا لمحاكمتكم ، وإنما لتقديسكم ... ما يمسكم يمسنى : " أنا هو الله إلهك " ! أنتم تنتسبون لى وأنا لكم ، لذا فالأمر يحتاج إلى صراحة كاملة خلال دائرة الحب !
" لست أقبل من بيتك عجولا ،
ولا من قطعانك جداء .
لأن لى هى كل وحوش البر ،
البهائم التى فى الجبال والبقر .
قد عرفت سائر طيور السماء ،
وبهائم الحقل هى معى " [ 9 – 11 ] .
لم يطلب الله الذبائح الحيوانية إلا بكونها رمزا لذبيحته الفريدة ، التى قدمها الكلمة المتجسد . فالله ليس فى عوز إلى ذبائح أو خدمات بشرية ، إنما الإنسان فى حاجة إلى مصالحته مع الله الذى لا يعوزه شىء ، لأن كل الخليقة هى من صنع يديه وتخضع له ، لكن الإنسان فى حالة عوز واحتياج .
بمعنى آخر الله لا يطلب ذبائح وتقدمات وهبات إنما يطلب الإنسان نفسه أن يبادله الحب : يقدم نفسه ملكا لمن قدم ذاته له ليمتلكه ، ويقبل رعايته وعنايته ونعمته ، ويدخل معه فى شركة واتحاد ! خلال هذا المفهوم يقدم الإنسان كيانه كله محرقة حب يشتمها رائحة رضا وسرور .
" إن جعت فلا أقول لك .
لأن لى المسكونة وكل ما فيها .
هل آكل لحم ثيران .
أو أشرب دم التيوس ؟! " [ 12 ، 13 ] .
كان الله يرسل نارا لتلتهم الذبيحة علامة قبوله إياها ، ورضاه على مقدمها .
هذه النار النازلة من السماء كانت تحسب أشبه بفم الله ... إنه لا يأكل لحوم حيوانات أو يشرب دمها ، إنما يعلن عن جوعه إلى قلب الإنسان : " يا إبنى اعطنى قلبك ، ولتلاحظ عيناك طرقى " أم 23 : 26 .
لقد جاع كلمة الله المتجسد وعطش ، وكما قال لتلاميذه : " أنا لى طعام لآكل لستم تعرفونه أنتم ... طعامى أن اعمل مشيئة الذى أرسلنى وأتمم عمله " يو 4 : 32 ، 34 . طعامه أن يتمم مشيئة أبيه ، ألا وهى خلاص بنى البشر والدخول بهم إلى مجد ميراثه .
لقد افتقر وهو الغنى لكى بفقره يغنينا ، وجاع لكى يشبعنا ، وعطش لكى يروينا بينابيع روحه القدوس .
إذن ماذا يطلب الله منا ؟
" أذبح لله ذبيحة التسبيح .
أوف العلى نذورك ،
وأدعنى فى يوم شدتك ،
فأنقذك وتمجدنى " [ 14 ، 15 ] .
إن كان الله لا يسر بالذبائح الحيوانية التى تقوم على عشور الإنسان أو الجماعة باحتياج الله إليها ، إنما يقبلها كرمز لذبيحة الصليب التى تحقق المصالحة مع الله ، والقادرة على تجديد الإنسان الداخلى ، فما هى ذبيحة التسبيح التى يطلبها ؟ وماذا يعنى بإيفاء النذور ؟
قدم السيد المسيح حياته مبذولة لأجلنا ، لكى يصلح من طبيعتنا الفاسدة ويحوله إلى طبيعة جديدة مقدسة فى الرب ، وبهذا نتحول من حالة الجحود إلى حالة شكر مع تسبيح لله وحمد ، لهذا تدعى ذبيحة الصليب " أفخارستيا " أى " الشكر " .
الله يطلب طاعة الوصية وليس مجرد النطق بها أو الكرازة بها :
" للخاطىء قال الله :
لماذا تحدث بعدلى ؟
وتأخذ عهدى فيك ؟ " [ 16 ] .
لا يليق التسبيح فى فم الشرير ، لأنه كيف يمكن لنا أن نسبح الله بفم نجس ؟!
" وأنت قد أبغضت أدبى ،
وألقيت كلامى إلى خلفك " [ 17 ] .
لكى تكون عبادتنا وكرازتنا مقبولة يليق بنا أن نقبل أحكام الرب فى حياتنا وتأديباته بفرح وسرور ... فإن من يرفض التأديب يكون كمن وضع كلام الرب خلف ظهره ، فكيف يجسر ويعبد الله أو يشهد له ؟!
عدم الشركة مع الأشرار :
" إذا رأيت سارقا سعيت معه ،
ومع الفسقة جعلن نصيبك " [ 18 ]
هذه ثمرة عدم قبول تأديب الرب ، أن تكون للإنسان شركة مع الأشرار فى شرهم ، أو على الأقل رضا بما يفعلونه وكما يقول القديس أغسطينوس : [ إنك لا تفعل الشرور ، فهل تمدح فاعلى الشر ؟ ! ] .
انتزاع الخداع والمكر :
" فمك أكثر من الشر ،
ولسانك ضفر غشا .
إذا جلست تقع بأخيك
وعلى ابن أمك وضعت شكا " [ 19 ، 20 ] .
بالنسبة لنا يليق بنا ألا نكون نمامين ، ولا نحكم على الآخرين ، ولا نكون مخادعين .
تحذير
" هذه صنعتها وسكت ،
فظننت إثما إنى أكون مثلك .
أوبخك وأقيمها أمام وجهك .
افهموا هذه أيها الذين نسوا الله
لئلا يخطف ولا يكون منقذ " [ 21 – 22 ] .
أعنى أنى قد أمهلت وأطلت أناتى منتظرا توبتك ولم أعاقبك وقتئذ . وأما أنت فظننت أن إمهالى هو رضا منى على رذائلك . ولكننى أوبخك على قلة ندامتك ، وفى يوم الدينونة أشهر بأعمالك أمام وجهك .
" ذبيحة التسبيح تمجدنى ،
وهناك الطريق
حيث أريه خلاص الله " [ 23 ] .
يختم حديثه قائلا :
أنصحكم يا أحبائى بمعونة الله أن نجاهد ما استطعنا .
لنسبح الله بحياة صالحة كما بالكلمات .
+ + +